O’yma is wood carving craft in Arabic.
تاريخ مدينة دمياط والمنطقة:
أطلقت الحضارة المصرية القديمة على مدينة دمياط المقاطعة (السابعة عشر) وتحولت إلى منطقة هامة لتخزين المحاصيل والحبوب وبعد فترات عديدة توطدت العلاقات التجارية مع الشعب اليونانى عام 325 م.
عندما تولى محمد علي حكم مصر عام 1804 اهتم بالمدينة وأنشأ بها مصنعا للغزل والنسيج وجعلها من أهم مراكز التجارة فى العالم، ولكن بعد الحرب العالمية الأولى عام 1914 توقفت التجارة وانقطعت الموارد من الخارج فبدأت دمياط فى التصنيع، وأنشئ أول مصنع عام 1920 ونشطت العديد من الصناعات اليدوية مثل الأحذية والنول.
شارع عبدالرحمن
بعد بناء السد العالي جفت العديد من البرك المائية ومنها حى البركة الذي يتوسطه شارع عبدالرحمن، وأطلق على الشارع فى الضرائب العقارية قديما شارع المدينة، وقال أحد الحرفيين فى الشارع أن اسم عبدالرحمن أطلق على الشارع حديثا نسبة إلى عبدالرحمن الإدريسى، بينما روى عبدو جادو أن المنطقة كانت عبارة عن خنادق وقنوات مائية، والسبب فى تسميته يعود إلى معركة وقعت وخلفت أربعين شهيدا وعبدالرحمن "أحد أحفاد أبو بكر" وتمجيدا لهم أطلق على المسجد اسم الأربعين وعلى الشارع اسم عبدالرحمن . أيا كان سبب التسمية الأساسى واختلاف الآراء حوله اتفق التجار والحرفيون على تحول الشارع القائم على التصنيع اليدوي إلى شارع تجاري لبيع الموبيليا.
يحكي عم محمود أن المكان كان خنادق للجنود و قنوات مياه و أراضي فضاء من جهة الكنيسة (سانت جورج) إلي حدوده مع منطقة الشهابية و كانت الأرض ترابية و أول تمهيد لها كان بالأسفلت و هو ما يغطي الشارع كله الأن. لكن يمكننا رؤية البلاط الأسود (الإنجليزي) في بعض الحارات في النواحي الأقرب للكورنيش التي لم يتم تسفيلها بعد ليدل علي أنه كان مستخدما في حدود المناطق الأقدم و أن الامتداد العمراني بدأ من ناحية النيل في الغرب ناحية الشرق.
النجارة في دمياط
يحكي عم محمد أن النيل كان ميناء طبيعي (المكان أمام السنترال الأن) , فكانت تأتي السفن من مدن الشام لترسوا هناك مما ساهم في جعل المنطقة مكان حيوي. وجود الميناء مع كونها مركزا تجاريا مهما ساعد على رواج حرفة النجارة في المدينة لصيانة المراكب و خدمتها. عند قدوم الحملة الفرنسية بأثاثها مع القطع الفنية المتنوعة طلبوا مساعدة الحرفيين في تركيبها، وبدورهم قاموا بتقليد القطع الموجودة مما ساعد على امتهان الحرفيين صناعة الأثاث و الأويما.
فى البداية ازدهرت حرفة الاويما فى الشارع واتجه العديد من أصحاب الأملاك والسكان الأصليين أصحاب المهن الأخري إلى امتهان حرفة الاويما و صناعة الأثاث و فتح الورش أسفل منازلهم، تكونت منطقة لإخراج منتجات خشبية كاملة، واحتوى الشارع على أكثر من 100 ورشة يدوية صغيرة بين النجارة والاويما.
و يذكر عم محمود أن نمو الحرفة جاء مع إنشاء مصانع الغزل و النسيج في حلوان و نزوح جزء كبير من العمالة لها . مما أوجد فراغا اقتصاديا و ساعد علي تحول و امتهان أصحاب مصانع الغزل الصغيرة إلي النجارة و ورش الموبيليا.
ذاع صيت الشارع ليصل إلى كل أنحاء العالم بمنتجاته المتميزة، وأمسى للشارع ميزة تنافسية عالية وبدأ العديد من الحرفيين فى تحويل الورش إلى معارض . وتحول الشارع إلى علامة تجارية وأصبح مزدحما فى كل الأوقات وتركت العديد من المحلات نشاطها وتحولت إلى معارض " الله فى سماه ما كنت تعرف تمشى فى الشارع ده ولا بالكتف حتى " هكذا حكى لنا أحد أقدم الحرفيين فى الشارع .
" الله فى سماه ما كنت تعرف تمشى فى الشارع ده ولا بالكتف حتى "
نظرة عامة علي حرفة الأويمة خلال 50 عام
تعلم العديد من الحرفيين الاويما داخل الشارع فعلى سبيل المثال كانت ورشة عم زكى عام 1963 يعمل بها اكثر من 15 صبى يعلمهم جميعا الحرفة وكان أغلبهم من خارج مدينة دمياط . ورث العديد من أصحاب الحرفة الفن والخبرات إلى أولاده وبعضهم أرسل إلى الورش المختلفة لاكتساب مهارات جديدة ، اغلبهم أصبح له ورشته الخاصة داخل وخارج الشارع بجانب أو قريب من عائلته.
كمثال لذلك عندما جاء الحاج السعيد ترك إلى المنطقة اشترى قطعة أرض كان مبني عليها مدرسة فبنى السعيد منزلا من أربعة أدوار كدليل على غناه المادى وكان أعلى بناء فى الشارع فيقول أحد أحفاده " كنت بشوف النيل من بيت جدى " . عندما استطاع أحد أبناء الحج السعيد أن يستقل بحياته اشترى الأرض المجاورة لوالده وأقام عليها بيتا خاصا به وعندما سألنا أحد أولاده لماذا هنا ؟ أجاب " اللى يعيش فى شارع عبد الرحمن ميعرفش يخرج يعيش بره".
المقاهي من أحد أكثر الأماكن التى يحدث بها تجمعات في الشارع . حكى لنا عم عبدالله ( اويمجى توقف عن ممارسة المهنة ) أن القهوة هي أساس تبادل الخبرات وأن " كازينو الجلاء " المعروف بقهوة شلبى هى أقدم قهوة فى الشارع
أصل الحرفة من وجهة نظر الحرفيين
الاويما هي من أجمل الحرف التي يمكن مشاهدتها، ألا وهي قدرة وفن وحرفية الاويمجي في أن يقوم بتحويل قطعة من الخشب لتحفة فنية تشكيلية يقوم بإضافتها أو تركيبها على قطعة من الأثاث أو تحفة قائمة بذاتها . وقال اويمجي بمنطقة حي البركة بأنها تذويق .. "ذوق البوصة تبقى عروسة " . وبسؤال حرفي بمعرض بشارع عبدالرحمن عن الأويما قال " وتعتمد على الفن فهي فن ويتم تطبيقه على الخشب" ويعتبر الحفر على الخشب من أقدم الفنون الجميلة والحرف اليدوية في التاريخ منذ العصور القديمة ، وقد تطورت في كل من العصر العباسي والأيوبي والفاطمي والمملوكي والأندلسي والفارسي لتعبر عن كل عصر.
تطور الحرفة
وقد بدأ اشتهار مدينة دمياط بالحرفة منذ القرن الماضي حيث بدأت ورش الاويما في الظهور وإنتاج قطع الخشب والأثاث وعلى مدار الخمسين سنة السابقة حتى وقتنا الحالي . وبدأت شهرة شارع عبدالرحمن بدمياط منذ عام 1966 بوجود أول ثلاثة محلات فقط لتصنيع حجرات الأثاث، ثم أضيفت ورش أخرى تدريجيا مع مرور السنين ليأخذ الشارع والمنطقة شهرة واسعة حيث قال أحد الاويمجية بالمكان عند سؤاله عن شارع عبدالرحمن "سمعة عالمية مش في مصر بس" بما يعني أن زوار المكان والمشترين كانوا يأتون من خارج مصر للمنطقة وللمكان تحديدا .
"سمعة عالمية مش في مصر بس"
التغيرات العمرانية و الفراغية
توجد علاقة ملحوظة بين الحرفة و طريقة ممارستها و إنتاجها بالمكان و بشكل السكن فيه. في البداية بدأت الأويمة في ورش صغيرة أسفل الأماكن السكنية حيث يستطيع الحرفي الإنتاج و البيع من نفس الورشة. مع تطور الحرفة و اشتهارها و تطور أدوات النجارة لتضم الماكينات الكبيرة, ظهر احتياج لورش بحجم أكبر للقطع و التحفير و الصنفرة. بالإضافة مع شهرة الشارع و تحوله إلي وجهة لمن يريد أن يشتري أثاث و تحولت الأماكن لتكون تجارية للعرض أكثر منها إنتاجية , فتحولت الورش إلي معارض و امتدت مساحتها لتأخذ الدور الأرضي بأكمله و في حالات أخرى تم إعادة بناء المبني بالكامل أو إضافة طوابق لزيادة مساحة العرض و العائد الاقتصادي.
لم يتغير النسيج العمراني من ناحية حدود المباني أو الشوارع, و ظلت حدود البناء كما هي و أي محاولة إعادة بناء كانت تتم علي مساحة المبنى القديم و لكن بارتفاع مختلف. أصبحت المباني ذات الدور الواحد و الدورين مباني من 6 إلى 7 أدوار. نتيجة لتحول معظم الاستخدامات إلى استخدامات تجارية انتقلت معظم الورش إلى أماكن أخرى و لم يتبقى غير عدد محدود من ورش الأويمة في الشارع. أرجع الناس هذا الانتقال إلى : 1- زيادة تكلفة الإيجار في الشارع بعد تحول استخدامه مما دفع الحرفيين إلي خارج الشارع; 2- هناك توجه تخطيطي للدولة لفصل أماكن الإنتاج و الورش عن الأماكن السكنية و التجارية; 3- دفعت الأزمة الاقتصادية العديد من الحرفيين إلي امتهان أعما أخرى كسواقة تروسيكل أو عربة نقل; 4- دخول المكن أدي إى حاجة أقل من العمال و الحرفيين ; 5- و السبب الأخير أن أصحاب المعارض و الورش كانوا يفضلون توفير تعليم أعلي لذويهم بدلا من تعلم الحرفة
وجهات النظر المتباينة:
في الفترة الأخيرة تأثرت الحرفة بعدة عوامل مؤثرة منها غلاء الأسعار وتعويم الجنيه ودخول مكن ال CNC عالم التصنيع والأثاث . فالبعض لم يعارض دخول ال CNC و قام بتوظيفها في صنعته فقام باستغلال إمكانيات المكن مع إضفاء لمسته اليدوية وأرجع الركود الاقتصادي في المنطقة لغلاء الأسعار " كيلو الخشب كان ب 4 جنيه يعني الطن ب400 جنية النهاردة الطن ب 000 10 جنيه !!! الاويمجي مقفلش عشان المكن، المكن بيساعدنا وبيسهل علينا "
" كيلو الخشب كان ب 4 جنيه يعني الطن ب400 جنية النهاردة الطن ب 000 10 جنيه !!!
" الاويمجي مقفلش عشان المكن، المكن بيساعدنا وبيسهل علينا "
والبعض الآخر يرى بأن عيوب الCNC أكبر من مميزاتها ويرجع ذلك إلى انخفاض نسب المبيعات للاويمجية وتحول المشترين عن منتجاتهم فقال أحد الاويمجية "الاويمة بالعربي انتهت من دمياط بسبب مكن الCNC .. وربنا يسهل وترجع تاني لأن الدمياطي فنان وهيفضل فنان"
"الاويمة بالعربي انتهت من دمياط بسبب مكن الCNC .. وربنا يسهل وترجع تاني لأن الدمياطي فنان وهيفضل فنان"
ومنهم من علق الموضوع على المشتري فقال " الزبون اللي بيفهم بييجي للأويمة والزبون اللي يقولك دي بكام بييجي للمكن "
كما أثرت العديد من العوامل الاقتصادية على حرفة الاويما وصناعه الأخشاب فى الشارع بشكل عام وبعد غلاء أسعار الأخشاب بدأت العديد من الورش بتغيير نشاطها.
كل ما ورد في المقال هو توثيق حكايات و معلومات من اصحاب الورش والمعارض داخل نطاق شارع عبد الرحمن بمدينة دمياط اثناء اعداد تقرير خاص بفريق مشروع حرفه البحثى من الفتره من 23-1-2018 وحتى 28-1-2018
فريق الورشة:
تجمع الفريق من جميع انحاء مصر للمشاركة فى الورشة
منظمي الورشة:
- ياسمين بيومي
- عمرو القمري
محاضرين:
- هاجر ممدوح
- معتز مطاوع
فريق الخرائط:
- غادة عبدالعزيز
- نهى جمال
- سارة محمد طه
- محمد هاني الهواري
- عمرو القمري
فريق التوثيق:
- روان حمدي
- هديل محمود
- أحمد مختار
فريق الكتابة:
- عمرو خالد
- ياسمين بيومي
فريق التنظيم:
- محمد ترك
- هبة علام
- زياد القشاوي